
عميد المعهد التقني كربلاء يزور مديرية مجاري محافظة كربلاء
مايو 07, 2025
بقلم أ.م.د. ماهر حميد مجيد
عميد المعهد التقني/كربلاء
يحتفل العالم ممثلا بالمنظمة الأممية للثقافة و العلوم (UNESCO) في الرابع و العشرين من كانون الثاني من كل عام باليوم العالمي للتعليم. يأتي ذلك تشجيعا منها لجميع بلدان العالم بضرورة إيلاء التعليم الأهمية القصوى كونه المرتكز الأساسي للبناء الحضاري في أي مجتمع و دولة, كما انه المسؤول عن صناعة الفارق بين ما يسمى بالدول المتقدمة و الدول النامية و الأخرى ذات المؤشرات التنموية المتدنية, لانه يتربع على عرش مؤشرات التنمية البشرية في أي دولة من دول العالم, و من بعده تاتي المؤشرات الثلاث الأخرى, الصحة و الدخل و البيئة, فبدون تعليم جيد لا يمكن للمجتمع ان يحظى افراده بصحة جيدة, و لن يكون لهم دخل كريم, و لن ينعموا ببيئة نقية, فكل تلك المؤشرات و ما ينتج عنها من تفرعات انما هي حصيلة المخرجات الأساسية للتعليم, ان كانت جيدة فسترتفع جميع مؤشرات التنمية تباعا لها, و ان كانت عكس ذلك فسيكون من الطبيعي ان يعاني المجتمع من المرض و الفقر و شتى أنواع التلوث.
و لكن, السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في مثل هذه المناسبة, ماذا يجب ان نتعلم؟ لنحظى بتنمية بشرية فاعلة و مرتفعة.
ان الجواب على مثل هذا التساؤل لن يكون بديهيا, بل هو بحاجة الى تحليل واقعي لما يعاني منه المجتمع و البنية الأساسية للدولة في الظرف الحالي, و الى استقراء منطقي لمؤشرات المستقبل, فعندما نأتي الى الواقع نجد ان العالم اليوم يشهد تعايشا صعبا مع الجيل الرابع للصناعة, الذي تقوده ثورة الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات, مما فرض حالة انحسار واسعة في مجال الحصول على العمل لذوي المؤهلات الناتجة عن التعليم التقليدي الذي لا يحاكي واقع الصناعة و المتطلبات الحديثة للمجتمع, فكيف بمن سيكون خريجا في المستقبل القريب الذي يطرق ابوابه الجيل الخامس للصناعة, و الذي يعتمد في كل تفاصيله على الذكاء الصناعي و تقنيات المعلومات المتقدمة, و الذي سيكون فيه استئجار الروبوت ارخص من تشغيل البشر, هذا يعني ان ما يجب ان يتم تعلمه من قبل المتعلمين, و ما يجب ان يتم تعليمه من قبل المؤسسات التعليمية بكل اصنافها, موافقا لما سيتطلبه سوق العمل في تلك المرحلة الحرجة, و التي سيفرض انطلاقها بونا شاسعا في مؤشرات التنمية البشرية بين بلدان و أخرى, فان لم نلحق بالركب سريعا, فإننا حينها سنسلم الجيل القادم ارثا من المرض الفاتك, و الفقر المتقع, و التلوث الهائل.
لذا فهي مسؤولية مشتركة, بين المؤسسات التعليمية و ما يقف خلفها من سياسات و قرارات و استراتيجيات, و بين المتعلمين انفسهم و ما تقف خلفهم من آمال و تطلعات و طموحات, و هذا ما يجب ان يحفزه فينا هذا اليوم العالمي المهم, اليوم العالمي للتعليم